Tabaqatus Shufiyah 21-40


وفي أخريات أيامه ابتنى للصوفية خانقاه128 صغيرة، كانت مشهورة في نيسابور وفي ما جاورها أو بعد عنها من إقليم مملكة الإسلام، حتى أن الخطيب البغدادي حين ذهب إلى نيسابور زار هذه الدويرة التي كان يسكنها الصوفية يومئذ129 " . (07.h) وفي هذه الخانقاه دفن أبو عبد الرحمن، بعد أن سبق فيه قضاء الله، في يوم الأحد ثالث شعبان، سنة أثنتي عشرة وأربعمائة130 وكانت جنازته مشهودة131.
*** وسأذكر هنا ما أعرف من كتب أبي عبد الرحمن السلمي، ومكان ما أعرف مكانه منها، وارجوا أن يعين الله على أن تكون بين يدي الدارسين عن قريب: 1 - الأخوة والأخوات في الصوفية.
لم يذكره صاحب كشف الظنون. ولكن الخطيب البغدادي ذكره لبكير الدراج132.
2 - آداب التعازي.
يقول حاجي خليفة " هو في غاية الاختصار وإحكام المناظرة133 " .
3 - آداب الصحبة وحسن العشرة134.
أول هذا الكتاب.
الحمد الله الذي أكرم خواص عباده بالألفة في الدين، ورفعهم لإكرام عباده المخلصين...
وآخره: ونحن نسأل الله تعالى، أن يوفقنا للأخلاق الجميلة، وأن يجنبنا الأخلاق السيئة، في أفعالنا، وأحوالنا، وأقوالنا، مما لا يقربنا إليه، ولا يكلنا في أمورنا وأسبابنا إلى أنفسنا. وأن يتولى رعايتنا وكلائتنا بكرمه وفضله. إنه ولي ذلك، والقادر عليه وهو حسبي، ونعم الوكيل.
ولعل هذا الكتاب هو الذي دعاه حاجي خليفة " أدب الصحبة135 " .
ومن هذا الكتاب ثلاث مخطوطات، في خزانة كتب برلين إحداها ضمن مجموعة، من ورقة 90، ومحفوظة تحت رقم: 5584136.
والآخرين ضمن مجموعة كذلك: الأولى من ورقة 24ظ، إلى ورقة 35ظ. والثانية من ورقة 37ظ، إلى 47و. وهذا المجموع محفوظ تحت رقم 5585137.وهذه المخطوطات الثلاثة لم تؤرخ.
وتحتفظ خزانة كتب البلدية بالإسكندرية، بمخطوطة رابعة غير مؤرخة، تقع في عشر ورقات. وهي محفوظة بها، تحت رقم: 3800 - ج.
وتحتفظ خزانة كتب جامع الشيخ، بالإسكندرية بمخطوطة خامسة، محفوظة تحت رقم: 186.
وفي خزانة كتب ليبزج مخطوطة، محفوظة تحت رقم 0881. وفي خزانة كتب الفاتح باستانبول مخطوطة، تحت رقم 54083. وفي خزانة كتب روان كوجك مخطوطة، تحت رقم 430. وفي خزانة كتب لندنبرج في برلين، نسخة أخرى، تحت رقم 86. وعنوانها " نهاية الرغبة في آداب الصحبة " .
4 - آداب الصوفية.
من هذا الكتاب مخطوطة، منسوخة من القرن الثامن الهجري، بخط نسخي مقروء، تقع في ثلاث وسبعين ومائة ورقة، من حجم الثمن، وفي أثناء الكتاب أرضة.
وهذه المخطوطة تحتفظ بها خزانة الكتب السعيدية العمة بتونك، في الهند، تحت رقم 235 تصوف.
وقد ذكر حاجي خليفة هذا الكتاب138.
5 - الأربعين في الحديث: وهي أربعين حديثاً في الزهديات، اختارها أبو عبد الرحمن. وقد نشر هذا الكتيب الصغير، ضمن ما نشر من المكتبة العربية القيمة، ذلك العمل الجليل الذي قامت به في حيدر أباد، دائرة المعارف العثمانية النظامية.
وقد ذكر هذا الكتاب حاجي خليفة139. وأشار إليه صاحب " الأربعين النووية140 " .
6 - الاستشهادات: ذكره سبط ابن الجوزي، فقال: " له المصنفات الحسان، ككتاب التفسير... والاستشهادات141 " ولم يذكره صاحب كشف الظنون.
7 - أمثال القرآن.
ذكره حاجي خليفة142، وكذلك سبط ابن الجوزي.
8 - تاريخ أهل الصفة.
نقل عنه أبو نعيم الأصفهاني143، وذكره الهجويري، فقال: " ألف تاريخاً، كسره على أهل الصفة، ذكر فيه فضائلهم وأسمائهم144 " . ويسميه حاجي خليفة " تاريخ أهل الصفوة145 " ولعل ذلك تحريف.
9 - تاريخ الصوفية.
وهو غير كتاب " طبقات الصوفية " . فقد ترجم فيه، لأبي الحسن السيرواني146.
كما ترجم فيه لأبي نصر السراج، صاحب " اللمع " . وكثيراً ما ينقل عنه الذهبي، في كتابه " تاريخ الإسلام " ، والخطيب البغدادي، في كتابه " تاريخ بغداد " . ولم يذكر هذا الكتاب صاحب كشف الظنون.
وقد ألف أبو عبد الرحمن هذا الكتاب قبل أن يؤلف كتابه " طبقات الصوفية " .
10 - جزء الحديث ولا ادري أهو جزء حديث مستقل، ألفه أبو عبد الرحمن، كما يبدو ذلك مما فعله صاحب " كشف الظنون " . حيث ذكر له هذا الكتاب، مع ذكره لكتاب الأربعين147؛ أو هو كتاب الأربعين نفسه، كرره صاحب كشف الظنون باسم آخر.
11 - جوامع آداب الصوفية أوله: الحمد لله الذي زين أولياءه بآداب الظواهر والبواطن.... ثم أنه وقع لي أن أجمع شيئاً من آداب أرباب الأحوال، والمقدمين من أولياء الله...
وتحتفظ خزانة كتب برلين بمخطوطة من هذا الكتاب، ضمن مجموعة، من ورقة 58ظ، إلى ورقة 73ظ؛ تحت رقم: 3081148. (08.h) وكذلك تحتفظ خزانة لالالي بإستانبول، بمخطوطة، محفوظة تحت رقم: 1516 ويسميه فهرست هذه المكتبة: " جوامع الصوفية " . وغي كوبريلي مخطوطة، محفوظة تحت رقم: 701.
12 - حقائق التفسير أوله: الحمد الله خص أهل الحقائق بخواص أسراره...
وآخره: ... وأعوذ بك منك، حتى نسلم فيه من الشرك والحجاب، والغفلة، وإلا فالمرء هالك، من حيث يرجو النجاة. والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. ومن هذا الكتاب نسخ كثيرة مخطوطة، وإليك بهض ما وقفت عليه منها: مخطوطة في مجلد، بقلم عادي، بخط حسين بن حماده بن عبد الرحمن بن نوفل القوصي. فرغ منها في جمادى الأولى، سنة سبعين ومائتين بعد الألف. أوراقها تسع وسبعون وثلثمائة. محفوظة في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم: 150 - تفسير149.
مخطوطة في مجلد، بقلم عادي، بخط أحمد عبد العال الغالبي. فرغ منها يوم الاثنين، الموافق لثلاث عشر مضت من شهر شعبان، سنة إحدى وسبعين ومائتين بعد الألف. أوراقها اثنتان وثلاثون وثلثمائة، ومسطرتها خمس وعشرون سطراً. محفوظة في دار الكتب المصرية بالقاهرة، تحت رقم: 481 - تفسير150.
مخطوطة في مجلد، بخط نسخي قديم، ولم يذكر أسم ناسخها. تقع في ثمان وسبعين ومائتي ورقة. مسطرتها واحد وعشرون سطراً. محفوظة في خزانة الكتب الأزهرية بالقاهرة151 تحت رقم [350] 4248 - تفسير: مخطوطة في مجلد، منقولة لخزانة الكتب الأزهرية، بخط محمد أبي العنين عطية، فرغ من نقلها فب غرة ذي الحجة، سنة ثلاثين وثلثمائة بعد الألف. تقع في عشر وأربعمائة ورقة، مسطرتها ثلاثة وعشرون سطراً. محفوظة في خزانة الكتب الأزهرية152، تحت رقم: [1093] 3188 - تفسير.
مخطوطة في مجلد، كتبت سنة ستمائة من الهجرة، بخط نسخي نفيس جداً، وعليها سماعات كثيرة وعدد أوراقها أربع عشرة وثلثمائة، في حجم الربع. محفوظة في خزانة الفاتح، باستانبول، تحت رقم: 261 - تفسير.
مخطوطات أخرى موجودة في: المتحف البريطاني، تحت رقم: 18520 Add153، وفي استانبول، في: كويربلي نسختان: الأولى تحت رقم 91، والأخرى تحت رقم 92. وفي نوري عثمانية، تحت رقم 319، ويني جامع، تحت رقم: 43. وبشير أغا، تحت رفم: 63. وولي الدين، تحت رقم: 148. وسليم، تحت رقم:97. وعاشر، تحت رقم:677. وقاضي عسكر، بها نسختان: الأولى تحت رقم: 81، والأخرى تحت رقم 82. وحكيم أوغلو تحت رقم:99. وداماد إبراهيم، تحت رقم: 115154.
13 - درجات المعاملات.
أوله: قال أبو عبد الرحمن، محمد بن الحسين بن موسى السلمي، نفعنا الله ببركاته: سألت - أكرمك الله بجميل نظره - بيان معاني ألفاظ ذكرتها، على حد الاختصار، فعلقت لك حروفاً...
وآخره: ... على لسان السفراء والأنبياء. فإذا نظر إلى نفسه فرق، وإذا نظر إلى ربه جمع... وبرئت من حولي وقوتي، واستوفقته، ونعم الموفق.
وهذا الكتاب لم يذكره صاحب كتاب " كشف الظنون " . ومنه نسخة خطية في خزانة كتب برلين، ضمن مجموعة، من ورقة 74ظ، إلى ورقة 79ظ. محفوظة تحت رقم: 3453155: 14 - رسالة في غلطات الصوفية أولها: قال أبو عبد الرحمن ... الشطح للخراسانيين، لأنهم يتكلمون عن احوالهم وعن الحقائق...
وآخرها: ... وهذا كله خطأ وباطل. والصواب ما قاله الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِنَ أَمْرِ رَبّي) وهي مخلوقة، ليس بينها وبين الله نسب ولا سبب إلا أنه خصها بلطافة الخلقة " .
ثم يتلو ذلك فصل في أقسام علم الشريعة؛ وفصل آخر في الشطح ومدلوله؛ وفصل فيه الرد على القائلين بالحلول.
ولم يذكر حاجي خليفة هذه الرسالة بين الكتب التي عدها لأبي عبد الرحمن، ولكن ابن عربي أشار إليها156.
وتحتفظ دار الكتب المصرية بالقاهرة بنسخة مخطوطة من هذا الكتاب، تقع ضمن مجموعة، من ورقة 33ظ، إلى ورقة 80و157 تحت رقم: 187 مجاميع.
15 - رسالة الملامتية أولها: الحمد لله الذي اختار من عباده عباداً جعلهم أئمة في بلاده... سألتني - وفقك الله - أن أبين لك طريقاً من طرق أهل الملامة، وأخلاقهم وأحوالهم..
آخرها: ... ونحن نسأل الله - تعالى ذكره - أن يوفقنا لمرضاته، ويعيننا على ما فيه الصلاح لدنيانا وأخرانا، بفضل وسعة رحمته، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
وقد نشر هذه الرسالة الأستاذ أبو العلا عفيفي سنة 1945 في القاهرة، مع مقدمة قيمة. (09.h) وأما نسخها المخطوطة فهي: مخطوطة غير مؤرخة، ضمن مجموعة من ورقة 85. وتحتفظ بها خزانة كتب برلين، تحت رقم 3388158. ومن هذه المخطوطة مصورتان بمكتبة جامعة القاهرة، تحت رقم 26093 - تصوف، ورقم 20745 - تصوف.
مخطوطة غير مؤرخة كذلك، في دار الكتب المصرية بالقاهرة، ضمن مجموعة عنوانها " أصول الملامتية " تحت رقم 178 مجاميع159.
مخطوطة غير مؤرخة كذلك، في خزانة المتحف البريطاني، ضمن مجموعة، تحت رقم 7555 or.160.
16 - زلل الفقر ذكره صاحب كشف الظنون مع ما ذكره لأبي عبد الرحمن من كتب161.
17 - الزهد ترجم فيه للصحابة والتابعين وتابعي التابعين. لم يذكره حاجي خليفة، ولكن أبا عبد الرحمن أشار إليه في مقدمة " الطبقات " 162.
18 - السؤالات مما جمعه السلمي، من ألفاظ أبي الحسن، علي بن عمي بن المهدي، الدارقطني. يقول عنه الذهبي: " للسلمي سؤالات للدارقطني، عن أحوال المشايخ والرواة، سؤال عارف163 " .
ولم يذكره حاجي الخليفة.
ومن هذا الكتاب مخطوطة في خزانة أحمد الثالث باستانبول، عدد أوراقها ست عشرة، من حجم الربع، وهو ضمن مجموعة، من ورقة 157ظ، إلى ورقة 172. وكتبت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بخط أبي بكر بن علي بن إسماعيل، الأنصاري البهنسي الشافعي، محفوظة بها تحت رقم 624، وهذا المخطوط هو الرابع عشر في هذه المجموعة.
19 - سلوك العارفين أوله: قال الشيخ أبو عبد الرحمن ... سألتني - أسعدك الله - عم سلوك المحققين، ومقاماتهم، فاعلم...
وآخره: ... ونحن نسأل الله ألا يحرمنا بركاته، وأن يجعلنا من أتباعه، والمقتدين بهم، ولا يحرمنا ما رزقهم، ويسهل علينا سبيل الخيرات برحمته. إنه على ما يشاء قدير.
ويتلو ذلك فصل في التصوف.
ومن هذا الكتاب مخطوطة، ضمن مجموعة، محفوظة في خزانة الكتب التيمورية، بدار الكتب المصرية بالقاهرة، وهي تبدأ من ورقة 17، إلى ورقة 30، ومحفوظة تحت رقم 74 - تصوف تيمور164.
20 - السماع لم يذكره حاجي خليفة، ولكن الهجويري أشار إليه165.
21 - سنن الصوفية ذكره ابن الجوزي166، والسيوطي167، كما ذكره صاحب كشف الظنون168.
22 - طبقات الصوفية أنظر الحديث عنه بعد ذلك.
23 - عيوب النفس ومداواتها.
أوله: الحمد لله الذي عرف أهل صفوته عيوب أنفسهم... أما بعد.. فقد سألني بعض المشايخ.. أن أجمع له فصولاً عن عيوب النفس...
آخره: ... ويسقط عنها بذلك عيباً من عيوبها. والله يوفقنا لمتابعة الرشد... فإنه القادر عليه، والواهب له، برحمته وفضله.
لم يذكر هذا الكتاب حاجي خليفة.
منه مخطوطة غير مؤرخة، ضمن مجموعة، من ورقة 28ظ، إلى ورقة 36ظ محفوظة في خزانة برلين، تحت رقم 3131169.
ومنه مخطوطة أخرى، في الخزانة التيمورية، بدار الكتب المصرية بالقاهرة، غير مؤرخة، ضمن مجموعة، من ورقة 1 ظ، إلى ورقة 16 ظ، محفوظة تحت رقم 74 - تصوف تيمور.
ومنه مخطوطة في المتحف البريطاني، تحت رقم 228 Suppl170.
24 - الفتوة أوله: الحمد لله الذي أبدى آثار فضله على خواص عباده...
وقد ذكره صاحب كشف الظنون.171 ومنه مخطوطة بخزانة أياصوفيا في استانبول، ضمن مجموعة من ورقة 78، وإلى ورقة 99ظ. وهي محفوظة هناك، تحت رقم: 2049 - ب.
25 - الفرق بين الشريعة والحقيقة.
لم يذكر هذا الكتاب حاجي خليفة، ضمن ما ذكر لأبي عبد الرحمن.
ومنه مخطوطة، كتبت في القرن السابع، ضمن مجموعة، من ورقة 138ظ إلى ورقة 142ظ، من حجم الربع، في خزانة أباصوفيا باستانبول، تحت رقم 4128.
26 - محن الصوفية لم يذكره حاجي خليفة، ولكن ذكره الذهبي، في ترجمته لذي النون المصري172، وفي ترجمته لمحمد بن الفضل البلخي173.
27 - مقامات الأولياء.
استعان به الشيخ محي الدين بن عربي في تأليفه كتابه " محاضرات الأبرار " 174 وذكره حاجي خليفة175.
28 - مقدمة في التصوف.
بم يذكرها حاجي. ومنها مخطوطة، في مجلد بقلم عادي، كتبت سنة اثنتين وثمانين بعد الألف، وعدد أوراقها ستة عشر ورقة، من حجم الثمن، محفوظة في خزانة كتب البلدية بالإسكندرية، تحت رقم: 2822 - د.
29 - مناهج العارفين أوله: التصوف له بداية ونهاية ومقامات. فأوله التوفيق، والتنبه من سنة الغفلة، وترك مألوفات النفس...
وآخره: ... ما من الله به على صفوته، من كريم فضله، وعزيز بره، إنه سميع مجيب. (10.h) لم يذكره، حاجي خليفة. ومنه مخطوطة، ضم مجموعة، من ورقة 22ظ، إلى ورقة 28ظ. وهي غير مؤرخة. محفوظة في خزانة برلين تحت رقم 2821176. وفي خزانة ميونخ نسخة أخرى، تحت رقم: 566 - 73.
*** العناية بكتب السلمي: الباحث المنصف لا يستطيع أن يحكم على أمر من الأمور، حكماً يعتقد أنه صحيح، إلا إذا عرف المحكوم عليه: عرف جزئياته منفصلة، وصلة كل واحد منها بالأخرى، ومكانها في هذا الكلي العام، ذلك لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.ولن تستطيع إصدار هذا الحكم على التصوف، إذا سمعت آراء خصومه وحدهم فيه، مهما آتوا من النزاهة والحيدة، ولن تستطيع ذلك إذا سمعت آراء أصحابه والمؤمنين به وحدهم. بل لا بد لك - إذا أردت أن تعرف مكانة التصوف، في تراثنا الإسلامي - أن تسمع رأي العدو الخصيم، والنصير المظاهر، ثم تفحص وتنقب عن الحقيقة في اطواء رأيهما.
ولا ريب أن أبا عبد الرحمن معين له خطره، في ذكر آراء الصوفية، والحكاية عنهم، والترجمة لشيوخهم. وقد تقدمه - بلا ريب - غيره ممن ألفوا في التصوف، شيوخاً وآراء، ولكن كتب هؤلاء توشك - إلا قلة منها - أن تكون في عداد ما ضاع من التراث الإسلامي.
فالعناية بنشر آثار أبي عبد الرحمن ستمكن الباحثين، في تاريخ الفكر الإسلامي، من الحكم على موضع التصوف فيه، حكماً صادقاً أميناً. والله المعين لمن يتصدى لذلك الجهد الكبير.
*** أبو عبد الرحمن ورأي العلماء فيه: بين الصوفية والفقهاء والمحدثين بعامة، والحنابلة منهم بخاصة، صراع عنيف بدت بواكيره في النصف الأخير من القرن الثاني. وليس هذا مقام بحث موضوع دقيق مثل هذا الموضوع، ولكن الذي أحب أن أوجه النظر إليه، هو الترابط الزمني، بين استبحار الحضارة الإسلامية، ودخول العناصر الجديدة من القافات الأخرى وبين نشوء هذا الصراع وتطوره.
وأهم شخصية تصادفنا في ذلك الصراع هي شخصية الأمام الجليل أحمد بن حنبل. فقد أتسم هذا الرجل بالخلق الكريم، والعلم الإسلامي الغزير، ولكنه كان يكره هذه العناصر الدخيلة على الفكر الإسلامي، ويريد الإسلام عربياً خالصاً. هذا الرجل الذي ثبت على قوله القرآن، أمام صولة الدولة السياسية، واستظهار المعتزلة عليه وعلى صحبه بالأفكار الفلسفية، كان خصماً لكثير من صوفية عصره. ولا أحب ان أناقش صواب هذه الخصومة أو خطأها، إنما مكان ذلك في حياة ابن حنبل نفسه.
وجاء بعده ابن تيمية، وكانت الكثرة من المتصوفة أرباب رسوم، وهم الذين ثاروا من قبل رسوم غيرهم، وكان العالم الإسلامي في صراع مرير مع الصليبية ولم يكن موقف الصوفية، موقف أسلافهم من المجاهدة في سبيل الله بالسيف والقدوة، بل لعلهم كانوا في أحوال كثيرة حرباً عليه، فحمل ابن تيمية على الصوفية حملة عنيفة تابعها من بعده ابن الجوزي.وقد نال أبو عبد الرحمن في هذا الصراع، ما ينال كل صوفي ينافح عن فكرته ويدعوا إليها. والذين حملوا على أبي عبد الرحمن أو نقدوه، ردوا ذلك إلى أمرين: أولهما: أنه ألف للصوفية " حقائق التفسير " .
وثانيهما: أنه كان يضع للصوفية الأحاديث.
وسأناقش كلا على حدة.
كان للصوفية، قبل أبي عبد الرحمن، آراء في فهم القرآن، تختلف، في كثير أو قليل عن الآراء الشائعة بين عامة العلماء، فلما " جاء أبو عبد الرحمن... جمع لهم " حقائق التفسير " فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن، بما يقع لهم، من غير إسناد ذلك إلى أصل من أصول العلم " 177.
وأنت لو قرأت هذا التفسير لم تجد فيه لأبي عبد الرحمن رأياً خاصاً، وإنما هي آراء القوم وفهمهم، جمعها في كتاب، أخرجه للناس. " لكن المفسرين، من أهل الظواهر، تكلموا فيه على ما هو رأيهم في أمثاله " 178.
بل لقد غلا الإمام الواحدي في حملته على أبي عبد الرحمن بسبب هذا الكتاب، حتى ليروي عنه أنه قال: " إن كان قد أعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر " 179.
وجاء - من بعد هؤلاء - المؤرخون، فجروا على سنن أصحاب هذه الحملة، حتى ليقول الذهبي، المؤرخ الفاضل: " في حقائق التفسير أشياء لا تسوغ أصلاً، عدها بعض الأئمة من الزندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفاناً وحقيقة. نعوذ بالله من الضلال، ومن الكلام بالهوى " 180. بل أنه ليروي أن ما في هذا الكتاب " تخريف وقرمطة " 181. ويراه السيوطي تفسيراً " غير محمود " 182. (11.h) على أن كل ما في هذا الكتاب هو أنه " أقتصر فيه على ذكر تأويلات للصوفية ينبوعنها ظاهر اللفظ " 183. والقرآن حمال ذو وجوه، وأبو عبد الرحمن راويه، وناقل الكفر ليس بكافر. فهذه حملة ظالمة على أبي عبد الرحمن.
وبرغم هذا فإنه إذا كان " المفسرون من أهل الظواهر قد تكلموا فيه، على ما هو رأيهم في أمثاله " فإن هذا الكتاب قد لقي رواجاً وقبولاً، عند خاصة العلماء، حتى في حياة مؤلفه.
قال السلمي: " لما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الأسفرايني: أريد أن أنظر في " حقائق التفسير " . فبعثت به إليه، فنظر فيه، وقال: " أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبراً " 184. " وسمعه منه أبو عباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقرى ووزعوا له ألف دينار. وكان الشيخ أبو عبد الرحمن في بغداد حياً " 185.
واستنسخه أحد الأمراء، وهو في طريق همدان، وأراد أن يصل مؤلفه فرفض الصلة، ففرقها الأمير في نقباء الرفقة وبعث معهم من خفرهم3 .
كما سمعه منه الأمير نصر بن سبكتكين، وكان عالماً؛ وقد أجازه به أبو عبد الرحمن. وبرغم ذلك، فإن ما في هذا الكتاب هو آراء الصوفية، لا رأي أبي عبد الرحمن3.
وأقدم من نعلمه رمي أبا عبد الرحمن بالوضع، هو محمد بن يوسف القطان186. وهو من اهل نيسابور، معاصر لأبي عبد الرحمن، ولكنه لم ينل منزلته.
تحدث القطان يوماً إلى الخطيب البغدادي، فقال: " كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئاً يسيراً، فلما مات الحاكم أبو عبد الرحمن ابن البيع، حدث عن الأصم بتاريخ يحي بن معين، وبأشياء كثيرة سواء. قال: " وكان يضع للصوفية الأحاديث " 187.
وهذا القول، في أبي عبد الرحمن، يشمل تهماً ثلاثاً: أولها: أن أبا عبد الرحمن لم يسمع من أبي العباس الأصم إلا شيئاً يسيراً، لا يمكنه من التحديث بما حدث به عنه.
ثانيها: أنه لما مات الحاكم بن البيع، حدث السلمي عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين، وبأشياء كثيرة سواه.
ثالثها: أنه كان يضع للصوفية الأحاديث.
ومن المعروف أن أبا العباس الأصم - وهو أستاذ أبي عبد الرحمن - قد مات بنيسابور سنة ست وأربعين وثلثمائة188؛ وأن أبا عبد الرحمن كانت سنه يومئذ إحدى وعشرين عاماً، وأنه بدأ الكتابة عن شيخه الصبغي سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، وسنه يومذاك ثماني سنوات، فكيف يقال إنه لم يلقه إلا فترة يسيرة، ولم يسمع منه إلا قليلاً؟!.
ثم لماذا يختار السلمي هذا الوقت بذاته - بعد وفاة زميله في الدرس ورصيفه ابن البياع - ليحدث عن الأصم بتاريخ يحي بن معين؟!.
لقد توفى ابن البيع في نيسابور، سنة خمس وأربعمائة189، فهل أراد أبو عبد الرحمن - وهو الذي مات سنة أثنتي عشر وأربعمائة - أن يختم حياته بالكذب على شيوخه، والافتراء على رسول الله؟. وما لذي منعه من ذلك في حياة زميله ابن البيع؟. أهو خوفه منه، ومن أن يسوء رأيه فيه؟. ولماذا لم نجد معاصراً آخر، يرمي أبا عبد الرحمن بالكذب والوضع والاختلاق إلا القطان؟ أهو وحده كان أنفذ بصيرة من كان من كانت تمتلئ بهم نيسابور وغير نيسابور، من علماء الجرح والتعديل؟! . أعتقد أن " ذلك من قبيل الحسد، ولا نقبل منه " 190. " فقدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل، وحله في طائفته كبير، وقد كان مه ذلك صاحب حديث مجوداً " 191 كما يقول الخطيب البغدادي: تعليقاً على رأي القطان. " وقول الخطيب فيه هو الصحيح، وأبو عبد الرحمن ثقة. ولا عبرة بهذا الكلام فيه " 192.على حد تعبير صاحب طبقات الشافعية.
بقيت تهمة ثالثة، وهي تهمة وضع والأحاديث للصوفية، بل أن بعض الباحثين المعاصرين لم يستبعد " كذلك وضعه كثيراً من عبارات الصوفية على ألسنة القوم بما يتناسب مع مشاربهم ونزعاتهم193 " .
والحق أن هذا التهام مغالى فيه كثيراً. فمما لا ريب فيه تآليف أبي عبد الرحمن أحاديث ضعيف، وأخرى موضوعة، كما أن فيها أحاديث صحيحة، وأخرى حسنة. فهو بذلك يستوي مع من ألفوا في الحديث ولم يتفرغوا له، بل أن أكثر أجلة علماء الحديث قد أستدرك عليهم بعض أحاديث. وسيجد القارئ أن تخريج أحاديث الطبقات خير سند لهذا القول. وخير القول في أبي عبد الرحمن هو قول الذهبي، أنه كان " للسلمي سؤالات للدارقطني عن أحوال المشايخ والرواة سؤال عارف... وأنه ليس بالقوي في الحديث " 194.
*** الثناء على أبي عبد الرحمن: (12.h) لعل خير من يستطيع الحكم على أبي عبد الرحمن هم الذين عاصروه، وزاملوه في الدرس والتحصيل، وهذا أبو نعيم، معاصره وأكثر المستفيدين من علم أبي عبد الرحمن، يقول عنه: هو أحد من لقيناه، ممن له العناية التامة بتوطئة مذهب المتصوفة، وتهذيبه على ما بينه الأوائل من السلف، مقتد بسيمتهم، ملازم لطريقتهم متبع لآثارهم، مفارق لما يؤثر عن المتخرمين المتهوسين من جهال هذه الطائفة، منكر عليهم " 195. " وقد كان مرضياً عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك " 196.
وحسب أن أبي عبد الرحمن أن يقول فيه زميله في الدس، الحاكم أبو عبد الله: " إن لم يكن أبو عبد الرحمن من الأبدال، فليس لله في الأرض ولي197 " .
*** 5 - مدرسة السلمي: لا ريب أن التطور الذي شمل الحياة الإسلامية بعامة، والفكر الإسلامي بخاصة، قد أثر على التصوف. فهو عنصر منه، تأثر به جذباً ودفعاً. ولا ريب كذلك أن كثيراً " من المتخرمين المتهوسين من جهال هذه الطائفة198 " قد انحرفوا عن الاتجاه الأول الذي أتجه فيه أسلافهم.
وقد جهد الحريصون، من شيوخ الصوفية، أن يردوا الناس إلى الطريق السوي.
وأوضح من بذل في ذلك جهداً، من متصوفة المشرق، هو الجنيد في بغداد.
كان مذهب الجنيد، أن يعرض أمره على الكتاب ولا سنة، فما وافقهما قبله، وما خالفهما رفضه. وكان له في بغداد مدرسة، تتجه اتجاهه وتسمع لرأيه. والحق أن هذا الاتجاه قد صادف قبولاً عند المسلمين، عامتهم وخاصتهم، فأحبوا الجنيد وعظموه.
وفي نيسابور وما يجاورها مدرسة أخرى، قامت تدعو بهذه الدعوة، قوامهل وأظهر رجالها أبو النصر السراج، صاحب " اللمع " ، وتلميذه أبو عبد الرحمن السلمي صاحب " الطبقات " ، وتلميذ السلمي صاحب " الرسالة القشيرية " .
فقد كانت " حقيقة هذا المهب عندهم متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما بلغ وشرع، وأشار إليه وصدع، ثم القدوة المتحققين من علماء المتصوفة ورواة الآثار3 " .
ولست أحاول أن أحصي وجوه الاتفاق والاختلاف بين هاتين المدرستين، ولكني ألفت النظر إلى ما تميزت به مدرسة نيسابور، من أن بحثها في التصوف كان " بحثاً موضوعياً Objective Reseash " . فإذا قرأت " اللمع " ، أو " حقائق التفسير " أو " الرسالة القشيرية " ، رأيت أن المؤلف لا يكاد يظهر رأيه إلا قليلاً جداً، ويكتفي بسرد أقوال شيوخ الصوفية.
أما في بغداد فقد كان الأمر على خلاف ذلك. إذ أن صوفية بغداد كانوا يذكرون آراءهم، وفهم في التصوف، ثم يجمعون الآراء التي تساندهم.
ولعل القشيري قد تأثر قليلاً بمذهب البغداديين في رسالته، دون السراج في " اللمع " ، أو أبا عبد الرحمن السلمي في " طبقات الصوفية " ، وفي كتاب " حقائق التفسير " .
6 - كتاب " طبقات الصوفية " : لا يستطيع الباحث أن يرتب مصنفات أبي عبد الرحمن كلها تصنيفاً تاريخياً، حتى يستطيع أن يحكم - بصدق - على تطور تفكيره واتجاهاته. ولكن نستطيع أن نقول: ألف كتابه " حقائق التفسير " أولاً. وأنه ألف من بعده كتاب " تاريخ الصوفية " ؛ ثم ألف أخيراً كتابنا " طبقات الصوفية " .
فهو يذكر أنه لما دخل بغداد، طلب إليه أبو حامد الأسفرايني أن ينظر في كتاب " حقائق التفسير " . فإذا كانت هذه هي الخرجة الأولى إلى بغداد، فلا ريب أنه ألف في حدود العقد السابع، من القرن الرابع.
وأما كتاب " تاريخ الصوفية " فيبدوا أنه ألف قبل كتاب " الطبقات " ؛ وذلك في العقد الثامن، من القرن الرابع. فهو يذكر أنه لما قرأ كتاب " تاريخ الصوفية " ، في شهور سنة أربه وثمانين وثلثمائة بالري، " قتل صبي في زحام، وزعق رجل في المجلس زعقة ومات. ولما خرجنا من همدان، تبعنا الناس مرحلة لطلب الإجازة199 " .
ويبدو أن كتابه " طبقات الصوفية " ، قد ألفه في خاتمة القرن الرابع. إذ يذكر في ترجمة أبي جعفر، أحمد بن حمدان بن علي بن سنان، ما يشير وقت التأليف. فيقول: " إنتهى الأمر، وختم بحفيدة ابن ابنته، أبي بشر، محمد نب أحمد الحلاوي... نعى إلينا أبو بشر، في سنة سبع وثمانين وثلثمائة، وكان مات في سنة ست بمكة200 " . وإذا فهذا الكتاب قد ألفه، بعدما ألف كتاب " تاريخ الصوفية " .
*** لم يكن أبو عبد الرحمن أول من ألف في طبقات الصوفية ولكن سبقه إلى التأليف في هذا الموضوع غيره، واستفاد أبو عبد الرحمن من تآليفهم. (13.h)  وثمة أمر آخر، وهو أن هذه الكتب، التي استفاد بها أبو عبد الرحمن، في تأليفه عن مشايخ الصوفية، لم يبق بين أيدينا منها شيء، أو لعلها أن تكون مقبورة في خزانة كتب، في بلدة من بلاد العالم الإسلامي، لا يعرف عنها أصحاب الخزانة شيئاً.
وأقدم هذه الكتب - فيما أعلم - كتاب " طبقات النساك " لأبي سعيد بن الأعرابي، م: 341 ه؛ وقد أعتمد أبو نعيم في " حلية الأولياء " على هذا الكتاب اعتماداً كبيراً " 201.
وألف محمد بن داود بن سليمان، أبو بكر الزاهد النيسابوري، م: 342 ه، وكان من شيوخ أبي عبد الرحمن كتابه " أخبار الصوفية والزهاد202 " . ولا ريب أن أبا عبد الرحمن، وهو تلميذ هذا الشيخ النيسابوري، قد أجازه به وقرأه عليه، واستفاد منه فيما كتب عن الصوفية من بعد ذلك.
ثم جاء من بعدهما أبو العباس، أحمد بن محمد بن زكريا، النسوي الزاهد، م: 396 ه، فألف كتاباً قيماً في تاريخ شيوخ الصوفية، هو كتابه " تاريخ الصوفية203 " فأفاد منه أبو عبد الرحمن، فيما أفاد من كتب من عاصروه أو سبقوه وألفوا عن مشايخ الصوفية. ويقال إن هناك مخطوطة في مكتبة في الهند، نرجو أن تكون هي عينها مخطوطة كتاب النسوي، وأن يهيأ الله من يخرجها على الناس.
على أن هذه الأصول وغيرها، مما استعان به أبو عبد الرحمن في تصانيفه، وامتلأت بها دار كتبه، قد ذهب بها الزمان، فلم يبق لنا إلا كتاب أبي عبد الرحمن. وهو كتاب كان له أثر واضح، فيمن ألفوا بعده في طبقات الصوفية.
فأبو نعيم - في " حلية الأولياء " - يوشك أن يكون قد استعان طبقات أبي عبد الرحمن في كل ما كتب عن صوفية المشرق204. والجزء العاشر، من كتابه القيم خير دليل على ذلك.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar